انقلابيو النيجر يتهمون فرنسا بخرق المجال الجوي ويتجاهلون جهود الحل
اتهم المجلس العسكري في النيجر اليوم الأربعاء القوة الاستعمارية السابقة فرنسا بخرق المجال الجوي المغلق منذ الأحد الماضي، في ظل تلويح دول غرب أفريقيا بالتدخل عسكرياً في نيامي رداً على الانقلاب على الرئيس محمد بازوم.
وقال "المجلس الوطني لحفظ البلاد" الذي يتولى السلطة منذ انقلاب الـ26 من يوليو (تموز) إن "طائرة عسكرية" تستخدمها "القوات الفرنسية" أقلعت عند الساعة 6.01 صباحاً من نجامينا في تشاد، وتعمدت "قطع كل الاتصالات مع المراقبة الجوية لدى دخولها مجالنا الجوي بين الساعة 6.39 و11.15 بالتوقيت المحلي".
قالت مصادر لـ"رويترز" إن دول الاتحاد الأوروبي بدأت في إرساء أسس لفرض أولى العقوبات على أعضاء المجلس العسكري في النيجر الذي استولى على السلطة الشهر الماضي، ويرفض القادة العسكريون الجدد حتى الآن الجهود الدبلوماسية الدولية للوساطة، ودعت دول الجوار التي تدعم الانقلاب الأمم المتحدة إلى منع التدخل العسكري الذي تهدد به دول أخرى في غرب أفريقيا.
وقال مسؤول في الاتحاد الأوروبي يشارك في العمل على فرض العقوبات ودبلوماسي من التكتل إن الاتحاد الأوروبي بدأ مناقشة معايير الإجراءات العقابية، وأضاف المسؤول أن الإجراءات ستستهدف "تقويض الانقلاب" في النيجر ومن المرجح الاتفاق عليها قريباً.
وذكر الدبلوماسي أن "الخطوة التالية ستكون فرض عقوبات على أفراد من المجلس العسكري" يعتبرون مسؤولين، وقال المسؤول ودبلوماسي آخر من الاتحاد الأوروبي إن المسؤولين بالتكتل يناقشون الأمر اليوم الأربعاء، وتحدثت المصادر الثلاثة بشرط عدم نشر هوياتها.
أعطت الجماعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) الأولوية للدبلوماسية في البحث عن تسوية للأزمة في النيجر، مع الإبقاء على تهديدها بالتدخل عسكرياً من أجل "إعادة الانتظام الدستوري"، بينما قال وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن في وقت متأخر من أمس الثلاثاء إنه تحدث إلى الرئيس المنقلب عليه محمد بازوم للتعبير عن استمرار الجهود الرامية إلى إيجاد حل سلمي للأزمة، وقال بلينكن في تغريدة "تكرر الولايات المتحدة دعوتها إلى الإفراج الفوري عنه وعن أسرته".
وأعلنت "إيكواس" في بيان ليل الثلاثاء – الأربعاء أنها تواصل "اتخاذ كل التدابير الضرورية لضمان عودة الانتظام الدستوري إلى النيجر"، مع إعادة الرئيس بازوم إلى منصبه بعد الانقلاب الذي أطاح به في الـ26 من يوليو (تموز) الماضي.
وكان رئيس نيجيريا بولا تينوبو الذي يتولى حالياً رئاسة المنظمة أكد مساء أمس الثلاثاء أن الدبلوماسية تبقى "أفضل سبيل" يمكن اتباعه من دون استبعاد تدخل عسكري، وفق ما أفاد به المتحدث باسمه أجوري نغيلالي، مشدداً على أن "إيكواس" "لم تستبعد أي خيار".
وأدلى تينوبو بموقفه مساء الأحد مع انتهاء مهلة من سبعة أيام حددتها المنظمة في الـ30 من يوليو للانقلابيين الذين استولوا على السلطة في نيامي.
عدم اهتمام
ومن المقرر أن تعقد "إيكواس" قمة غداً الخميس في أبوجا عاصمة نيجيريا، بينما لا يبدي العسكريون الانقلابيون في النيجر اهتماماً بعروض الحوار.
ولم يتمكن وفد مشترك يضم ممثلين عن "إيكواس" والأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي من زيارة النيجر أمس الثلاثاء، على ما أكدت المنظمة الأفريقية مساء.
وأوضحت "إيكواس" أن هذه المهمة ألغيت إثر رسالة وجهتها السلطات العسكرية في النيجر، وقالت فيها إنه "لا يسعها استقبال الوفد الثلاثي"، في المقابل أفاد العسكريون في نيامي عن أسباب تتعلق "بالأمن في ظل أجواء التهديد بشن عدوان على النيجر".
في وقت سابق قالت الخارجية النيجرية في رسالة موجهة إلى ممثلية "إيكواس" في نيامي، إن "السياق الحالي من غضب السكان واستيائهم بعد العقوبات التي فرضتها ’إيكواس‘ لا يسمح باستقبال الوفد المذكور في أجواء هادئة وآمنة".
وفي رسالة أخرى قالت الخارجية النيجرية إن "التصاريح الدبلوماسية الدائمة" الممنوحة عام 2023 "لطائرات الدول الصديقة وشركاء النيجر علقت موقتاً"، من دون تحديد نوع الطائرات أو الدول المعنية.
رئيس وزراء مدني
وإضافة إلى تأجيل زيارة الوفد، أصدرت السلطات الانقلابية مؤشراً آخر إلى ريبتها حيال الوساطات الجارية، مع تعيينها رئيس وزراء مدني هو علي الأمين، في ما يعد خطوة أولى نحو تعيين حكومة انتقالية.
وأعلنت فرنسا، القوة الاستعمارية السابقة، أمس الثلاثاء أنها تدعم "جهود دول المنطقة لإعادة الديمقراطية" في النيجر.
كذلك سعت الولايات المتحدة، شريكة فرنسا في محاربة الجماعات المتشددة الناشطة في هذا البلد الغني باليورانيوم وفي قسم كبير من منطقة الساحل، إلى الحوار.
وأبلغ وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن الأربعاء على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) أنه تحدث إلى بازوم الموجود في الإقامة الجبرية في نيامي "للتعبير عن جهودنا المتواصلة بحثاً عن حل سلمي للأزمة الدستورية الحالية"، وكان المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية ماثيو ميلر صرح أمس الثلاثاء، "ما زال لدينا أمل، لكننا أيضاً واقعيون جداً" بالنسبة إلى فرص نجاح المسار الدبلوماسي، معتبراً أنه "من المؤسف تماماً" إرجاء زيارة وفد "إيكواس".
محادثات في منتهى الصراحة
وزارت مساعدة وزير الخارجية الأميركية فيكتوريا نولاند أمس الإثنين نيامي، حيث التقت الانقلابيين في اجتماع لم يحضره الجنرال عبدالرحمن تياني، الرجل القوي الجديد في النيجر، كما أنها لم تلتق بازوم، وأقرت بأن المحادثات "كانت في منتهى الصراحة واتسمت أحياناً بالصعوبة".
وتشهد علاقات قادة نيامي الجدد توتراً مع الدول الغربية ومعظم الدول الأفريقية التي دانت الانقلاب، إلا أن مالي وبوركينا فاسو اللتين يقودهما أيضاً عسكريون استولوا على السلطة بالقوة في عامي 2020 و2022 على التوالي، تبديان تضامنهما مع النيجر.
وأعلن البلدان أنه إذا تعرضت النيجر لهجوم من "إيكواس"، فسيكون ذلك بمثابة "إعلان حرب" عليهما.
ووجه البلدان أمس الثلاثاء رسالتين مشتركتين إلى الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي، شددا فيهما على ضرورة اضطلاع الهيئتين بـ"المسؤولية" في منع "أي تدخل عسكري ضد النيجر"، محذرين من تداعيات "أمنية وإنسانية لا يمكن التنبؤ بها".
على صعيد آخر اعتبر بلينكن في مقابلة أجرتها معه هيئة "بي بي سي" أمس الثلاثاء، أن "ما حدث في النيجر لم يكن من تنظيم روسيا أو فاغنر"، إلا أن مجموعة المرتزقة الروسية "ستحاول استغلاله".
وتقدم مجموعة فاغنر خدمات للأنظمة الأفريقية التي تواجه أزمات، ولا سيما مالي وأفريقيا الوسطى، حيث تحمي السلطة القائمة وتقدم التدريب العسكري، في المقابل تستغل الموارد المحلية ولا سيما المناجم.
اشترك في بريدنا الالكتروني لتتوصل باشعار فور نشر موضوع جديد
0 الرد على "انقلابيو النيجر يتهمون فرنسا بخرق المجال الجوي ويتجاهلون جهود الحل"
إرسال تعليق